Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

حول تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي

رسالة الى الرفاق العراقيين*

رفاقي الأعزاء

امتدادا لنقاشاتنا الجارية حول تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي، ارتأيت أن ابعث لكم رسالة أوضح فيها قليلاً طرحاً بوسعه، برأيي، ان يوصلنا الى الحزب على الرغم من المصاعب القائمة، وكذلك أشرككم ببعض أشكال القلق وملاحظاتي. وأشير هنا الى ان النقاشات التي أجريناها هنا، بلغنا ان طرح الهيئة التحضيرية (لتأسيس الحزب- م) وبعدها المؤتمر التأسيسي ذو مشكلات، وهو غير فعال ومؤثر عملياً. في رسالته المبعوثة لكم، قدم الرفيق كورش مدرسي التوضيحات اللازمة بهذا الصدد. ان الطرح المقترح الجديد هو بديل الطرح السابق.

تعرفون رأيي فيما يخص ضرورة تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي، ولا أرى ضرورة لأن أوضح أكثر. ولكني أؤكد على بعض النقاط هنا. ان امكاناتنا الحالية لتأسيس الحزب لا تدوم للابد. فالأجواء السياسية المفتوحة والاهتمام والحساسية المتعاظمة للعامل العراقي لميدان السياسية، وبصورة محددة، لضرورة حزب شيوعي عمالي، الاستعداد المبدئي للمجاميع والحلقات العمالية والشيوعية لتأسيس الحزب وإحساس انتمائها لتقليد يُطلق على نفسه الشيوعية العمالية وعدم وضوح مكانة النظام البعثي وغير ذلك هي عوامل يمكن أن تتغير بسرعة. ان نقطة انطلاق موضوعة تأسيس الحزب هي إدراك هذه الحقيقة والواقع برايي. تتمثل مهمتنا بالاستفادة من هذه الفرصة. قد لا تعود الكثير من العوامل والعناصر الاخرى لإرادتنا، بيد اننا لسنا خالقي الوضعية و الواقع الموضوعي، ولذا من مهمتنا ان نستفاد بأقصى الدرجات من تلك المقاطع المحدودة في التاريخ التي تساعد وتدفع لصالح وصوب حركتنا.

من الممكن القول ان لا حاجة لهذا الكلام، لماذا؟ لأن الجميع يقر بفورية تأسيس الحزب، بل ويصرون على اعلان بيان اللجنة التحضيرية بأسرع وقت ممكن وغير ذلك. ولكن هذا ليس كافياً برايي. ان مَعْلَمْ إدراك فورية الأوضاع وكونها ملحة هو برأيي: الى اي حد أي شخص على استعداد من أجل تأسيس الحزب ان يعيد النظر في الخطط والأطر السابقة لنشاطه وحياته السياسية، ان يتخلى عن اشياء ويتمسك بأشياء.

ان استنتاجي من بعض تعاملات الرفاق لحد الان هو: في الوقت الذي يؤكد الجميع على فورية والطابع المُلح لتأسيس الحزب، ولكن من الواضح ليس من المقرر ان يحرف (رفيقنا) سبيل مساره التنظيمي من أجل هذا الهدف. كما لو ان تأسيس الحزب، يعد بالنسبة لكل رفيق مرحلة وخطوة طبيعية امتداداً لتقدم منظمته لحد الان، وبعضهم يراه دليل وبرهان حقانيته حتى الان في الصراع مع التيارات الاخرى. وعليه، تحوّل تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي الى جزء من عملية وصيرورة من الواضح انها أهم وأكثر أساسية وهي مسار تكوين " التيار (الشيوعي- م)" و"" اتحاد نضال (الشيوعية العمالية-م) و"نظرة العامل" والمنظمات الأخرى والنقاشات والصراعات الجارية بينهم. من الواضح ان الحزب الشيوعي العمالي هو اطار جديد لإدامة ذلك التاريخ الأهم والأكثر أساسية في المستقبل.

بيد ان تأسيس الحزب الشيوعي العمالي هو عمل ثوري في الاجواء السياسية الراهنة في العراق. لا يمكن التثوير والابقاء على النظم القديمة وصيانتها، التمجيد للمصالح الجديدة وتعقب المصالح القديمة على السواء. من المقرر ان يدفعنا تأسيس الحزب لترتيب وهيكلية سياسية ومهام اجتماعية تتخطى "التيار الشيوعي" و"اتحاد النضال" وغيرها. من المقرر ان يضفي علينا هوية جديدة، يشكّل منا صفاً جديداً. كيف يمكن اتخاذ خطوة في مسار مثل هذا وتحمل في الوقت ذاته مثل هذا الوقع لهويتنا التنظيمية هذه ومجابهاتنا التنظيمية؟ مثلما ذكرت السؤال يعود الى: من أجل تأسيس الحزب، ما هو الشيء الذي على استعداد لغض النظر عنه؟ ليس هناك مثلبة إن اراد شخص ما ان يجعل تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي نقطة من مسار تكامل واثبات حقانية "التيار" أو "اتحاد النضال"، وليس ثمة مثلبة ان أراد شخص ما أن يجعل جريدته جريدة الحزب أو رفاق منظمته قادة الحزب اللاحق، كما ليس مثلبة ان اراد أحد ما ان يكون تنظيمه وبرنامجه السياسي يشكلان مؤسسة الحزب. ان هذه كلها أهدافاً سياسية مشروعة. ولكن ليس بوسع رفيقنا المعني ان يدّعي في الوقت ذاته انه يعرف فورية موضوعة تأسيس الحزب الشيوعي العمالي، وعلى استعداد من الان لاتخاذ خطوة في هذا الطريق. لماذا؟ وذلك لأن عليه اثبات حقانية تنظيمه وأفضليته وأسبقيته في الساحة السياسية الواقعية وفي خضم زمن ووقت محدودين. ولكن تصورنا ان هذه الفرصة غير متوفرة.

موضوعتي هي ان درك فورية تأسيس الحزب يعني الاستعداد للشروع بمرحلة جديدة تماماً من العمل الشيوعي في العراق. انها مرحلة جديدة من الناحية السياسية ومن الناحية التنظيمية ومن حيث نوعية المهام والمسؤوليات والرفاق الذي يكونوا جنب اي رفيق في النشاط الشيوعي. ان هذا يعني التخلي عن العلاقات والصلات وجداول الاعمال، وبالطبع، المنظمة السابقة.

وعليه، من الناحية العملية، برأيي، ان إعلان الاستعداد للمشاركة في تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي هو في المطاف الأخير خطوة فردية للكوادر والناشطين الشيوعيين في العراق.

رفاق! برأيي ان كنه القضية يكمن بـ: هل بين الشيوعيين العماليين في العراق، بينكم رفاق، ثمة أشخاص موجودين بعدد كافٍ بلغوا نتيجة انه مهما يكون عليه التاريخ والمسارات السياسية للعراق حتى الان، فان هناك فرصة خاصة قد توفرت لتأسيس حزب شيوعي عمالي من وضعية الاقتدار، حزب يمكن تأسيسه في أوضاع شبه علنية، ويُقابل بترحاب واسع من جماهير الطبقة العاملة في العراق، ويتحول فوراً الى قوة متدخلة في المصير السياسي للبلد، وثقل مهم في السعي التاريخي لتأسيس شيوعية عمالية جديدة بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاشتراكية الكاذبة للكتلة الشرقية. أناس فهموا ان هذه الفرصة ليست باقية للابد. أناس يعرفون أن ما قاموا به لحد الان لا يتعدى سوى مقدمة لما يمكن القيام به، لا يتعدى خطوة أولية وبداية. وعليه، أناس في ذهنهم وفي انتظاراتهم وتطلعاتهم السياسية من أنفسهم، لا كعضو او قيادة هذه المنظمة أو تلك، بل بوصفهم شيوعيين هذه اللحظة وذوي نفوذ في عام ۱۹۹۳، يمضون أبعد من الماضي وابعاد النضال السابق ومستعدين لجر كل الحركة معهم. ان عشرة كوادر شيوعية من هذا القبيل كافية للشروع بممارسة حزبية حية، بيد ان عشرة منظمات وبعشرات القرارات والاتفاقيات الموقع عليها لا تصل بنا لهذا الهدف.

ان الطرح المرفق مع هذه الرسالة لكم يعكس فهمنا هذا. ان أساس هذا الطرح هو تقدم كوادر شيوعية عمالية في العراق لقبول مسؤولية بناء حزب جديد. من البديهي ان هؤلاء الكوادر والناشطين وقادة المنظمات القائمة وقوى هذه المنظمات هو الرأسمال الاولي للحزب الذي يؤسس. بيد ان نقطة انطلاق الطرح وشرط تحقق أهداف الطرح ليس الاتفاق ما بين المنظمات، بل استعداد ورغبة وشغف كوادر حزب ينبغي أن يتأسس بهمتهم وعلى أكتافهم.


أشد على أياديكم
۲۰ نيسان-ابريل ۱۹۹۳
منصور حكمت


أن هذه الرسالة، بالإضافة الى طرح الصيرورة العملية لتأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي، قد تم نشرهما في بولتن العدد ۳ الخاص بالكوادر.
* اساس هذه الرسالة بدون عنوان وقد اُضيف لها العنوان من قبل صفحة منصور حكمت.

ترجمة: فارس محمود

Arabic translation: Faris Mahmood
hekmat.public-archive.net #3320ar.html