Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

بصدد القضايا المحورية في بحث المجالس و النقابات


ا- عند تقييم الاتحادات العمالية، ثمة فهم تجريدي يستند الى تعميم خصائص الاتحادات ابان تشكيلها في القرن المنصرم. فوفقا لهذه النظرة، تعد الاتحادات، وبمعزل عن عملية تكوينها التاريخية، بمثابة اداة دفاعية للعمال فقط من اجل الحفاظ على مستوى المعيشة واوضاعهم الاقتصادية وظروف عملهم، في الوقت الذي ينبغي على اي نوع من الدراسة للاتحادات ان تاخذ النقاط التالية بنظر الاعتبار:
    ١- تطور وتحول الاتحادات، تاريخياً، الى هيئات عمالية للاحزاب البرجوازية الاشتراكية الديمقراطية والاصلاحية.

    ٢- تطور بيروقراطية محافظة في الاتحادات وتحكم هذه البيروقراطية بالجماهير العمالية.

    ٣- تخندق الاتحادات العمالية في مجمل البنية الحكومية للبرجوازية في اوروبا بوصفها هيئات للسيطرة على الاحتجاجات العمالية للحيلولة دون تعميق راديكالية العمال، وفرض الاتفاقيات الجماعية المساومة عليهم، اخضاع العمال لسياسات التقشف و تنامي البطالة.

    ٤- تصدي الاتحادات، في المراحل الثورية، للتنظيمات الراديكالية للعمال مثل المجالس واللجان المعملية، بالاخص عبر الادعاء بالتمثيل الاحتكاري للطبقة بصورة "مستقلة " في الميدان الاقتصادي والرفاهية. تموضع الاتحادات من بين التنظيمات العمالية، في المراحل الثورية في الجناح المحافظ.

    ٥- عجزالنقابات عن تنظيم اغلبية العمال على الرغم من وجود سياسة Closed Shop و التي، طبقا لها، يمنع استخدام العمال غير النقابيين وقانونية فعالية الاتحادات.


ب- ان العوامل المذكورة اعلاه هي حائل دون دعوة حزب شيوعي ثوري، وبصورة مباشرة وتلقائية، وكسياسة، العمال الى تنظيم الاتحادات. تكمن المسالة بالنسبة لحزب شيوعي ثوري في كيفية التعامل مع الاتحادات والميل النقابي داخل العمال والاحزاب الاصلاحية. ان تشكيل الاتحادات ليس ميل "طبيعي" و"عفوي" للعمال في النضال من اجل الوحدة، بل شكل مقترح مطروح، وراسخ لتيار معين في الحركة العمالية – التيار الاشتراكي الديمقراطي- الاصلاحي.

ج – فيما يخص مسالة الاتحادات، تضاف هذه الملاحظات ارتباطا بالاوضاع الخاصة لايران:

    ١- لا تتمتع الطبقة العاملة الايرانية بتقليد نقابي قوي، وتجارب كافية لايجاد حركة نقابية مستديمة (غياب استمرارية الاحزاب الاصلاحية، القمع، الاصلاح الزراعي، التغيير السريع في التركيبة العمالية، وتضاعف عدد العمال الصناعيين على امتداد فترة قصيرة، تعاظم موارد النفط، التشغيل العام والزيادات التلقائية والسريعة للاجورجراء العرض والطلب في سنوات ١٩٧٥ – ١٩٧٦ لهي عوامل مساهمة في هذا الوضع).

    ٢- في الظروف الاعتيادية للانتاج البرجوازي في ايران (اي باستثناء فترات الازمة السياسية)، لا تطيق البرجوازية ولا تتحمل وجود حركة نقابية مستقلة (على الاقل كان الامر كذلك حتى الان). لقد بحثنا سابقا الميول الاستبدادية للراسمالية الايرانية.

    ٣- وبسبب الاوضاع السياسية، وكذلك غياب نقابات رسمية قادرة على لجم تعمق راديكاليتها، تتحول الحركة العمالية الايرانية، بصورة سريعة، مع اي درجة من الاحساس بالاقتدار، الى حركة سياسية، ولا يبقى للنضال العمالي في ايران، ولاي فترة طويلة، مقتصرا على الميدان الاقتصادي وفي اطار قوانين النظام القائم. ان ذلك يقلل، من منظور العمال، من كفاءة الاتحادات، ويغدو الاتحاد، في حالة وجوده، وبسرعة، الى اتحاد عديم الفائدة او واقفا ًبوجه العمال.

    ان نفس وجود الاتحادات العمالية في ايران يعد عاملاً لانهاء فلسفة وجودها، لانه طالم اقرت الدولة التنظيم العمالي، علىالصعيد الاقتصادي (وبشكل مستقل)، فان الحركة العمالية ستطرح مطاليبها السياسية.

    ٤- في الفترة الاخيرة، تم طرح مطلب تشكيل الاتحاد (مقابل سائر اشكال التنظيم الجماهيري)، اساساً، من قبل الاجنحة اليمينية في المعارضة اليسارية الايرانية. لقد صيغت هذه المطالبات بصورة اساسية، من قبل " المفكرين " الشعبويين المثقفين و لا تدلل على الاقبال العام للعمال عليها. و بصورة محددة، خسر الخط النقابي " امام " الخط المجالسي" في مجادلات مرحلة الثورة، ولم يتمكن من ترك تاثير جدي على ممارسة العمال.

    ٥- ان اقبال قسم من اليسار الايراني على سياسة تشكيل الاتحادات (منظمة راه كاركر _ رزمندكان)، يمثل تراجعا سياسيا لجلب انتباه الاقسام الاكثر تخلفا من الحركة العمالية، و ليس تقييم واقعي لمقدرات و امكانات الحركة العمالية الايرانية. ان سياسة تشكيل الاتحادات تبدو اقل نجاحا بكثير واقل واقعية مقارنة بسياسة المجالس و التجمعات العامة (التي كانت موضوع دعايتنا وتحريضنا حتى الان)


د- طبقا لما ذكرناه، فان تشكيل الاتحادات العمالية في ايران
    ١- ليست مفضلة لدينا بوصفها سياساتنا فيما يخص تشكيل المنظمات الجماهيرية. ليس بوسع الاتحاد ان يكون شعارنا الاساسي، وشكل اساسي للتنظيم الجماهيري للعمال في ايران.

    ٢- ليس امرا ممكنا. ان تشكيل النقابات العمالية، حتى ولو كان بصورة مرحلية و جزئية لهو امر ذهني.


هـ- ان الدعاية للمجالس والتجمع العام (المنظم و المنتظم) هو الخط الصحيح تجاه مسالة التنظيمات الجماهيرية للعمال في ايران لانه:
    ١- من الناحية السياسية؛ اقرب الى متطلبات نضال عمال ايران (عدم الاقتصار على الميدان الاقتصادي، وعدم الاقتصار على القانون).

    ٢- من الناحية العملية؛ يمكن تشكيلها (فالتجمع العام هو الشكل الطبيعي لاغلب الاحتجاجات العمالية، وهو يغطي على ضعف عمال ايران في اقامة التنظيمات المحترفة والمعقدة، ويستند الى الاقتدار المباشر للجماهير المتجمعة، ويكون الدفاع عنها امرا بسيطا)

    ٣- ان سندهما العملي ليس الاصلاحية والاشتراكية الديمقراطية، بل كومونة باريس واكتوبر. ان امكانية تعلمهما واخذ الدروس للطبقة العاملة منهما يعد كبيراً.

    ٤- مع تنامي الثورة وتعميق راديكالية الجماهير، ليس فقط لا تفقد امكاناتها اوطاقاتها النضالية، بل انها تتعاظم. ان التجمع العام هو ركن الديمقراطية العمالية المباشرة و المجالس (السوفييتات).

    ٥- الحركة العمالية قد اثبتت وحتى الان امكانية تحقيق هذه السياسة.


و – يستند موقفنا من الخط النقابي داخل الحركة العمالية الى الاسس التالية:
    ١- لا ندعو، مباشرة، العمال الى تشكيل النقابات الا في حالات معينة، بل على العكس، نعمق من المجالس، التجمعات العامة و حركة التجمعات العامة المرتبطة ببعضها.

    ٢- ندافع عن مساعي العمال لاقامة النقابات (بالضبط مثل مساعيهم من اجل اقامة اي نوع من التنظيم) و مد يد العون لهم.

    ٣- نشارك في الاتحادات العمالية المستقلة ونسعى الىكسب قيادتها. وفي كل اتحاد نوحد خطنا المستقل.

    ٤- نسعى الى التقريب المتعاظم للاتحاد الى بناء غير بيروقراطي وبالاخص استنادها على الصعيد المحلي الى التجمعات العامة للعمال.



منصور حكمت

كتب هذا الموضوع في شتاء ١٩٨٦ بوصفه وثيقة داخلية في الحزب الشيوعي الايراني ونشر لاول مرة في مجلة بسوي سوسياليزم النظرية (صوب الاشتراكية)، العدد الثالث، المرحلة الثانية، في ١٩٨٩


ترجمة: فارس محمود
hekmat.public-archive.net #2430ar.html