Status             Fa   Ar   Tu   Ku   En   De   Sv   It   Fr   Sp  

الخلايا والنضالات الراهنة للعمال


مقدمة جريدة كمونيست (الشيوعي):

ادناه هو نص مقابلة مع الرفيق منصور حكمت اجراها اذاعة صوت الحزب الشيوعي الايراني. في هذه المقابلة، تم طرح نقاط جديدة فيما يخص اسلوب تدخل الخلايا في النضالات القائمة للعمال ومستلزمات قيادة هذه النضالات. ولهذا، راينا انه من المفيد والضروري نشرها امتداداً للمقالات التي لدينا بهذا الخصوص لحد الان. في الاعداد القادمة من جريدة كومنيست، سنتناول اكثر الجوانب المتنوعة لاسلوب عمل الخلايا على صعيد التدخل العملي في النضالات العمالية، وتحديداً، كما اشير اليه في هذه المقابلة، مكانة النشاط العلني في قيادة هذه النضالات.

٭ ٭ ٭

مقدم البرنامج: تمثلت اغلب تعليماتنا في هذه المرحلة بتوجيه النداء لرفاق الحزب وناشطيه في المدن حول محور تشكيل الخلايا الحزبية في اماكن عمل ومعيشة العمال والكادحين، التشكيل والتوسع التنظيمي للخلايا الحزبية بين العمال، في الوقت الذي نشهد اليوم نضالات واحتجاجات عمالية باشكال متنوعة. ماهي صلة سياستنا التنظيمية المستندة الى توسيع وترسيخ التنظيمات الحزبية بهذه النضالات والاحتجاجات ومسالة قيادة هذه النضالات. بتعبير اخر، الى اي مدى وباي اشكال ننشط في مسالة قيادة هذه الاحتجاجات، والا يتعارض تدخلنا في امر قيادة هذه النضالات مع هدفنا المرحلي بتقوية وترسيخ التنظيم الحزبي بين العمال؟

منصور حكمت: مثلما ذكرت ان اهم مهمة تقع على عاتق رفاقنا في مدن ايران المختلفة هو توسيع تنظيمات الخلايا الحزبية بين العمال الواعين والطليعيين. اي تنظيم اكثر العمال وعياً وطليعية في خلايا حزبية في المعامل والمحلات. تتمتع هذه بالنسبة لنا باولوية حاسمة، وقد وضحنا كذلك اهميتها بطرق مختلفة سابقاً عبر جرائد واذاعة الحزب. بيد ان السؤال الذي تطرحه هو جدياً الى حد كبير. السؤال هو: ماهي العلاقة مابين مهمتنا الاساسية هذه مع مسالة التدخل النشط في قيادة النضالات والاحتجاجات القائمة للعمال؟ هل ان تنظيم تنظمات الخلايا الحزبية بين العمال يقف على طرف نقيض من التعامل مع النضالات القائمة، وعلى الاخص اتخاذ موقف قيادي في هذه النضالات؟ الا يعني وجوب الاختيار مابين كلا المسالتين؟ الا يستلزم التعامل مع احدهما سحب اليد من الاخر؟ واذا لم يكن الامر كذلك، باي اشكال بوسع رفاقنا، في خضم ادامة نشاطهم الاساسي، ان يكون لهم، في الوقت ذاته، تعامل نشط كذلك مع النضالات القائمة للعمال؟

الى الحد الذي يرتبط الامر بالحزب الشيوعي الايراني ككل، كجمع، ليس ثمة تضاد، ليس هذا وحسب، بل ان التنظيم الحزبي والخلوي والتدخل في مسالة قيادة النضالات القائمة والراهنة للعمال، اساساً يستلزمان بعضهما البعض. لقد اكدنا مراراً ان تنامي تنظيمات الحزب بين العمال، ازدياد الخلايا الحزبية وتوسعها هو الشرط المسبق لصيرورة قيادة ثورية ومستمرة بين العمال. بدون تنظيمات حزبية، يستحيل التدخل في قيادة النضالات الاقتصادية والاحتجاجية للعمال اساساً، وان اي خطوة يتخذها رفاقنا في توسيع تنظيم الخلايا الحزبية، يقربنا بصورة واقعية خطوات من تامين هذه القيادة وتقوية وتوسيع النضالات الاحتجاجية للعمال. من جهة اخرى، ان التدخل ذاته في ارشاد النضالات الجارية له دور مهم كثيراً كذلك في توسيع التنظيمات الحزبية بين العمال. لايمكن تصور حزب شيوعي يقف لامبالياً تجاه القضايا القائمة والنضالات الجارية للعمال، وهي النضالات التي تنهمك فيها جماهير العمال وطليعييها على صعيد الاف الاشخاص، وان يتطلع كذلك الى تنامي تنظيمه الحزبي بسرعة. ينبغي ان يكون حزبنا الحزب المنظم للعمال الطليعيين. ينبغي ان يكون حزباً، في خضم سعيه لتنظيم العمال الواعين استناداً الى مصالحهم الاساسية والطبقية، ان يرد على انهماكهم النضالي الجاري. لايمكن ارساء اي حزب في انفصال عن النضال والاحتجاج القائم فعلاً في المجتمع. وعليه، من الواضح ان على كل الحزب، اي الحزب بوصفه كل، ان يوسع هيكله التنظيمي من جهة، وان يلعب كذلك دور قائد النضالات العمالية. ومثلما ذكرت ان هذين الوجهين يكملان ويستلزمان بعض.

بيد ان مايخص كل الحزب، او بعبارة اوضح، الحزب بوصفه جمع، لايصح بالضرورة على كل جزء او عضو حزب. ان ماهو صحيحاً لكل الحزب، ليس بالضرورة صحيحاً بنفس الشكل او بنفس التعبير لخلية حزبية في محيط عمالي. اذا كان تنظيم الخلايا الحزبية من جهة، وقيادة النضالات الجارية من جهة اخرى، اجزاء مكملة لسياسة الحزب، حين نبلغ عمل الخلايا الاساسية، فانها قد تتضاد بصورة واقعية في مراحل ما.

قد يسأل رفيق ما: أ من الممكن فعلاً ان يلحق السعي لقيادة اضراب، المشاركة النشطة في ارشاد اعتصام ما، ضربة جدية بالعمل الاساسي لخلايانا؟ نعم، ان هذا ممكناً للاسف في الاوضاع الراهنة. لان التدخل في قيادة النضالات الجارية يستلزم خلق مستلزمات قد لاتتمتع بها خلايانا بالضرورة. ان امرء ينشد ان يملأ بصورة حقيقية فراغ القيادة في الحركات الاحتجاجية القائمة للعمال، عليه ان يفكر بخلق هذه المستلزمات قبل اي شيء اخر. لانريد ان تلمع مرة واحدة خلايا في احتجاج وتخلي الميدان لمدة طويلة. اننا ننشد ارساء تنظيمات حزبية مؤلفة من خلايا تتضمن العمال الشيوعيين تصون بصورة مستمرة صلة الحزب والطبقة. ان تكون بصورة مستمرة قائد حازم وثوري وواعي للمسائل المختلفة للحركة العمالية واقسامها المختلفة. تحول بصورة مستمرة النضالات القائمة الى ميدان لكسب اكثر العمال طليعية ووعياً للحزب، وتعاظم بصورة مستمرة اقتدار العمال في النضال السياسي والاقتصادي. بايجاز، على حزبنا ان يكون قادراً على ان لايكون قائد ومنظم لحركة الطبقة العاملة نحو الاشتراكية فحسب، بل ان يكون كذلك اكثر القادة مبدئية وحزماً في نضالات يشرع بها العمال يوميا من اجل تحسين ظروف عملهم ومعيشتهم في النظام القائم نفسه. وعليه، انه لامر طبيعي ان تتمثل اولويتنا في هذه المرحلة بارساء مثل هذا التنظيم المستمر من العمال الشيوعيين. واننا نعد هذا ايضاً اساس التدخل الجدي والنشط في مسالة قيادة النضالات الراهنة للعمال.

على اية حال، اذا اردت ايجاز كلامي، يتحتم علي القول: اولاً، بوصفنا حزب، لم نفصل يوماً ما مسالة توسيع وتقوية التنظيم الحزبي بين العمال عن مسالة النضال الاحتجاجي الجاري للعمال. اننا ندرك بدقة صلة هاتين المسالتين، ولانرى في رؤيتنا العامة والسياسية اي تضاد او تناقض مابين هاتين المسالتين، مابين هاتين المهمتين. ثانيا، من الناحية السياسية، ان اسلوب وهدف تدخلنا، كحزب، في مسالة قيادة النضالات القائمة للعمال هي واضحة. واذا كانت لدينا نواقص ما، نعرف ان علينا العمل عليها. نعرف الى اين ينبغي ان يؤدي تدخلنا في النضالات القائمة. ان يؤدي الى توسيع الصلة السياسية والتنظيمية للحزب والطبقة، الى تقوية وتقدم الحركة الاحتجاجية نفسها، والاقبال المتعاظم لاكثر مايمكن من العمال الى النضال والتنظيم بصورة عامة والتنظيم الحزبي على الاخص. ولكن مايجعل الامر معقداً هو مسالة صلة الخلايا، اي اقسام معينة من الحزب بالنضالات القائمة. وان ذلك في وضع معين، الا وهو ان البنية التنظيمية للحزب ليست متينة وواسعة بشكل كافِ. نقول الى الحد الذي يتعلق الامر بعمل الخلية، فان التدخل في قيادة النضالات القائمة ليس امراً بهذه السهولة، بل يستلزم خلق ارضية وتوفيرمستلزمات تجعل هذا التدخل امراً ممكناً في العالم الواقعي. ينبغي توفير هذه المستلزمات بصورة جدية.

الاذاعة: ماهي هذه المستلزمات، اي ارضية ينبغي ان تمهد لها الخلايا، كي تتمكن عملياً من التدخل الفعال في قيادة النضالات الراهنة للعمال؟

منصور حكمت: لقد اشرنا سابقاً ايضاً لهذه القضايا الى حد كبير، سواء في مقالات جريدة كمونيست او عبر الاذاعة وداخل الحزب كذلك. ساورد رؤوس نقاط ماذكرناه، وساتطرق بعد ذلك لنقطة جديدة نوعاً ما تتمتع برايي باهمية حاسمة في تقدم اعمال الخلايا بهذا الخصوص.

ان اول شرط للظهور كقائد للنضالات العمالية، هو التحلي بسياسة ونهج سياسي في هذه النضالات. ينبغي ان نكون قد وضحنا تكتيكاتنا تجاه القضايا المختلفة للحركة العمالية، حددنا شعاراتنا، معرفة افق هذه النضالات والقدرة الواقعية لكل حركة (اكسيون) احتجاجية، واخيراً فهم صلة النضالات القائمة، اي النضالات التي تنشد على اية حال اجراء اصلاحات على وضع العمال او على الاجواء السياسية والاقتصادية للمجتمع بالنضالات الثورية للعمال الشيوعيين من اجل الخلاص النهائي ونوضحها ونحددها في التفاصيل. اننا لسنا تيار عديم التوجه والخط في النضالات الراهنة. لسنا بتيار تنتابه الغبطة وذلك لمشاركته في الاحتجاج العمالي. اننا نتعقب سياسة محددة ودؤوبة في هذه النضالات. ان توعية العمال بمصالحهم الحقيقية، تصحيح شعارات واهداف هذه النضالات وتوسيع النزوع للتنظيم عموماً والتنظيم الشيوعي بالاخص بين العمال، الارتقاء بثقة العمال النضالية وبروحيتهم النضالية عبر انتزاع مطاليبهم العادلة والتحسين الحقيقي لظروف عمل ومعيشة العمال، وان تعقب هذه الاهداف هو مايميزنا عن النقابيين والاقتصادويين. وعليه، ينبغي قبل اي شيء اخر، ان يتمتع الحزب عموماً والخلايا بوصفها اجزاء ونواتات اساسية للحزب بالرؤية والمعرفة اللازمة لقيادة النضالات. وان يكونوا بدرجة من الرسوخ والمتانة بهذا الخصوص بحيث يقودوا النضالات وليس موجة حركات تجرهم خلفها. زد على ذلك، يستلزم التدخل في النضالات الراهنة ان يكون رفاقنا على تماس من قرب بهذه النضالات وان يكونوا ذا راي تجاه المسائل الاكثر عملية لقيادة النضال. ان يكونوا قد كسبوا تجارب كافية كي يتمكنوا من لعب دورهم بصورة جدية. فيما يخص المستلزمات السياسية، لدينا هنا اقل الاشكالات الممكنة. وذلك نظرا لوجود برنامج الحزب، مطاليب الحد الادنى للحزب، الشعارات والقرارات التكتيكية للحزب، عملنا على هذا الميدان سابقاً، وليس ثمة عائق خاص لتمحيصها اكثر ايضاً مستقبلاً.

بيد ان توفير المستلزمات العملية والتنظيمية يستلزم اليوم عمل اكثر مشقة وصرف طاقة اكبر. لقد اشرنا سابقاً في مقالات مثل: النزعة الحركية (الاكسيونية) في الخلايا قليلة النفوذ، الحلقات الدعائية العمالية، ومقالات الجرائد والبرامج الاذاعية الى قسم كبير من هذه المستلزمات. على تلك الفروع التنظيمية الشيوعية التي تنشد ان تظهر على هيئة قيادة النضالات الجارية ان تكون قادرة اولاً على تامين وضمان استمرارية نشاطها الاساسي (ساتناول هذه النقطة لاحقاً)، وانها قد وسعت نفوذها بين العمال، ميدان نشاطها، بصورة وافية، وان احاط بها العمال المنظمين باشكال مختلفة. وينبغي ان تمكنت بصورة حقيقية وواقعية من عقد الصلة باكثر العمال والقادة العمليين للحركات الاحتجاجية طليعية. وان يكون على الاقل قسم من هؤلاء الرفاق في صفوفها وعلى الاقل ان تتمتع بنفوذ معنوي وسياسي محدد بين القادة العمليين للعمال الذين لم ينضموا للحزب بعد. على الخلية الشيوعية ان تكون قادرة بصورة حقيقية وواقعية على ان تترك تاثير جدي على افكار العمال واعمالهم على امتداد النضال والتحرك، وان ترشدهم. لايمكن كسب اي نفوذ او مكانة بسهولة داخل الحركة العمالية. لايمكن اقتناص القيادة بلحظة، بل ينبغي كسبها، وان هذا يستلزم عمل بنيوي سياسي دعائي وتنظيمي جدي بين العمال. مثلما ذكرت، لقد بحثنا هذه الجزئيات بصورة اكبر سابقاً. ان نقطة مهمة اود اضيفها هنا هي العمل العلني، العناصر العلنية والاستناد القاطع لقيادة الحركات العمالية لهذه المسائل. انها مسالة قد تحدثنا عنها قليلاً سابقاً، وسنسعى في المستقبل القريب ان نوضحها اكثر للرفاق.

تتمثل المسالة بان القيادة السرية بصورة محض للنضالات العمالية هو امرا مستحيلاً. ان اي اكسيون، اعتصام وغيره هو حركة تعبر باي حال من الاحوال عن مقاومة ونضال علني لاقسام واسعة من العمال بوجه الراسمال وصاحب العمل والحكومة. مهما يكن هذا الاضراب يتم ارشاده من قبل مركز سري، بيد ان الاضراب، بوصفه عمل عمالي مباشر، يستلزم قيادة في الميدان العلني ايضاً. ان تعبئة العمال، تحديد وتصحيح الشعارات في يوم الاكسيون، احباط الدعايات ومؤامرات جواسيس السلطة واصحاب العمل، المفاوضات، اختيار الممثلين وغير ذلك، يستلزم باي حال من الاحوال وجود قادة ومحرضين علنيين. ان اي عمل جماهيري ليس امراً ممكناً بدون استكمال النشاط الشيوعي السري بالنشاط العلني الهادف. يتلخص مجمل البحث حول: كيف بوسع خلية شيوعية سرية ان تكون قائداً في ايام الاكسيون. اذ تستلزم القيادة تدخلاً علنياً نشطاً. واذا لم نتحلى بهذه الامكانية والقدرة، اي اذا لم نتمكن من تنسيق النشاط السري بالخطوات العملية اللازمة بصورة صحيحة، لايمكن الحديث عن التدخل النشط في قيادة النضالات الراهنة.

بيد ان العمل العلني ميدان لم نتطرق اليه سوى بالنزر القليل، ولم نوضح سوى جوانب وزوايا ضيقة منه. اجمالاً، ان مصطلح المحرض العلني الحزبي الذي يتقدم مباشرة صفوف العمال في الاكسيون ويرشدهم هو معروف بدرجة قليلة في حركتنا وحزبنا. اذا دققت، ستجد ان اكثر الخطباء العماليين نشاطاً، المحرضين ذوي النفوذ والقادة العمليين في صف الاقتصادويين والنقابيين. ينبغي تعويض هذا التاخر. اذ نقترب بصورة جدية من امر قيادة الاكسيونات العمالية فقط حين تكون خلايانا الحزبية قد استطاعت ان تخطو في ميدان النشاط العلني الشيوعي المعروف قليلاً لدينا.

انه بحث ذا صلة باسلوب العمل. ماهي صلة الخلية السرية بالعناصر العلنية؟ كيف ترتبط هذه العناصر بالخلايا وكيف تنهل الخط من الخلية وترشدها الخلية؟ ماهي درجة اطلاع ومعلومات هذه العناصر السرية عن الخلايا السرية وصلاتها؟ ماالذي ينبغي عمله كي لايعرض النشاط العلني لرفيقنا الحزبي امان وديمومة عمل خليتنا وشبكتها السرية للخطر؟ كيف يمكن صيانة المحرض العلني نفسه وتامين سلامة وضعه الامني؟ كيف بوسع محرضنا وناشطنا العلني ان يجسد مواقف وسياسات الحزب وشعاراته في يوم الاكسيون دون ان يكشف بالضرورة عن هويته وانتماءه الحزبي - حيث ان القمع شديد بهذا الحد، لاندحة له على الاغلب من اخفاء هويته-؟ ماهي الصلة التي نقيمها بين الخلايا السرية وهؤلاء المحرضين العلنيين؟ ينبغي ان نتحلى بردود هذه الاسئلة، ونسعى لتوضيحها في المستقبل القريب. على اية حال، نؤكد في هذه الفرصة القصيرة، بالاضافة الى المستلزمات التي ذكرناها سابقاً، ينبغي ان نعرف ميدان النشاط هذا بدقة ونرسخ انفسنا ونعدها بهذا الخصوص. ان تنسيق العمل السري والعلني لايعني ان العلنية والسرية مقترنة بكل اعضاء الخلية والصلات المحيطة لهم، بل، في اغلب الاحيان، خلق صلة راسخة ومناسبة بين الناشطين السريين والناشطين العلنيين. اذ لاتجد الان سوى قلة من خلايانا تدعي امكانية التحريض العلني بصورة مستمرة، تدعي انها كسبت عناصر علنية وقادة عمليين للحزب وان نشاطهم يسير وفق سياسة الحزب وخطه وقيادته دون ان يحرموا من ميدان النشاط الحياتي هذا وينتزعوا منه، اي دون ان يتحولوا الى ناشط "سري".

ان حزبنا هو حزب سري. ان شرط النشاط الحزبي هذا هو الفعالية في خضم القمع البرجوازي وجراء التوحش البرجوازي. يقوم الشيوعيون بنشاطهم دوماً، ماعدا في اوضاع استثنائية، في اوضاع مثل هذه. ولكن هذا لايعني احالة ميدان العمل العلني، وبالتالي، ميدان القيادة العملية للاكسيونات الى الاصلاحيين والنقابيين. اذ كان الامر هكذا اليوم، فانه نقطة ضعفنا. ينبغي علينا ان نعرف ظاهرة باسم المحرض الشيوعي العلني، قادة عمليين للحركة العمالية انخرطوا في صفوف الحزب، وان نفسح المجال الواقعي لمثل هؤلاء الرفاق في نشاطهم الحزبي.

انتبه الى اننا لانتحدث عن علنية رفيق او رفيقين من اعضاء الخلايا، بل عن جذب القادة المفعمين بالحماس للحركة العمالية، الخطباء العماليين والعمال ذوي النفوذ للتنظيم في الحزب، مع صيانة دورهم العلني السابق، اي الدور العلني، دور المحرض الجماهيري ودور القائد. ان هذا يستلزم صلة مناسبة ومدروسة بين التنظيمات السرية للحزب مع العناصر العلنية. ان هذه احد اهم مستلزمات تدخلنا في الاكسيونات. اكسيونات، مثلما ذكرنا، لاتتجسد ولاتُرشَدْ بدون قادة علنيين. ينبغي توفير هذا عبر عمل صبور وواعي. وطالما ان الامر ليس كذلك، اي طالما ان لاندحة لخلايانا السرية، من اجل ادامة عملها والذي قلنا عنه انه اولوية، من غض الطرف عن لعب دور طليعي يوم الاكسيون او ان تهب في طليعة صف الاكسيون، ان تجازف بمجمل مكاسبها لحد الان، يواجهنا التناقض الذي ذكرته في السؤال السابق. ولكن في اليوم الذي تتصل شبكة تنظيماتنا السرية، بصورة مبدئية ومدروسة ومنظمة ومحسوبة بمجمل الجوانب الامنية، بعناصر علنية تتمتع بامكانية ارشاد الجماهير العمالية في يوم الاكسيون، اي في اليوم الذي بوسع تنظيماتنا السرية ان تجد مكان للمحرض العلني في منظومتها وتحويه، عندها سنكون مستعدين بصورة حقيقية لان نظهر كقائد في النضالات الجارية للعمال.

مثلما ذكرت، سنشرك الرفاق في هذه النقاشات تدريجياً. اردت ان الفت انتباه الرفاق صرفاً الى هذا الامر، وآمل ان يتناولوا هذه المسالة في رسائلهم (وقصده رفاق تنظيمات الداخل-م). ينبغي طرح النقاش التفصيلي لاحقاً؟ ولكن اسمحوا لي ان انتهز هذه الفرصة لاضيف شيئاً فيما يخص الرفاق العلنيين انفسهم.

لايمكن خلق ناشطي العمل العلني بطريقة، مثلاً، ان ياخذ هذا الرفيق او ذاك في الخلية او حولها على عاتقه، وفقاً لتعليمات الحزب، دور التدخل النشط في الاكسيون. ان المحرض العلني والقائد العملي هما الى حد كبير حصيلة النضالات والاحتجاجات العمالية ذاتها. ان العمال المتحمسين والمفعمين نشاطاً، المحتجين والمفوهين الذين ينخرطون في الاحتجاجات، يكسب كلامهم تاثير ونفوذ بين العمال وتتبدى عمليا طاقات قائد عملي هي تتمة احتجاج الطبقة العاملة نفسه ضد البرجوازية والراسمالية. تربي الحركة العمالية بصورة طبيعية هذه العناصر داخلها وتدفعهم لمقدمة صفوفها. في ظل غياب تنظيمات حزبية او وجود فهم سياسي نظري متدني، اما ان تجذب هذه المجموعة من القادة العمليين افكار اصلاحية ونقابية، او حتى في حالة اعتبار انفسهم شيوعيين، ترفض الانخراط في حزب سري. كما جعلت تجربة الحركة الشعبوية كذلك خوفهم هذا امراً مبرراً. انهم يخشون من ان يفرض انضمامهم الى حزب سياسي عليهم سحب انفسهم من هذا الميدان من النشاط. زد على هذا، في ظل غياب صلة وانتماء حزبيين، يقتصر محتوى نشاط هذه المجموعة من الرفاق في حالات كثيرة، على التحريض والعمل الاصلاحي والقيادة العملية للنضال في الاطار والنطاق العفوي. ان عملهم منفصل وعديم الهدف وتاثيرهم عابر. ولكن حين يرتبط المحرضون انفسهم في الحزب، يطرأ تغيير على محتوى نشاطهم. سيصبح اكثر عمقاً من الناحية السياسية والنظرية ويتحول الى سند وداعم حياتي لصيرورة حركة اشتراكية للطبقة وممارسة القيادة الشيوعية على الحركة العمالية.

ينبغي ان نجذب اكثر هؤلاء القادة العمليين وعياً وطليعية لصفوف الحزب. بيد ان الشرط المسبق لهذا الامر، اذا لم نريد ان نقوم بعمل مناقض لهدفنا، هو ان يتمكن هؤلاء الرفاق، بعد الانخراط في صفوف الحزب والعمل تحت قيادة لجان حزبية، اولاً من لعب دورهم العلني بوصفهم قائد ومحرض، وثانياً، ان لايعرضوا نشاط هؤلاء الرفاق ديمومة واستمرارية عمل الحزب لمخاطر. وعليه، ينبغي ارساء صلة خاصة وسليمة بين هذه المجموعة من الرفاق مع الخلايا السرية. علينا، مثلما هو الحال مع الجوانب الاخرى لاسلوب عمل الخلايا، ان نعمل بدقة وعمق، ان نوضح الجزئيات لانفسنا ونسند خطتنا على هذا التحليل، ان نكون دقيقين ايضاً في تحديد دور العناصر العلنية في الحزب، وان نعرف ونتعلم الجوانب المختلفة لهذا النشاط وهذا النوع من الصلة. اتصور في الاشهر المقبلة، بعد ان نتحدث بتفصيل اكبر حول هذا الجانب من النشاط، سنكون في وضع افضل لتحليل صلة الخلايا الحزبية والنضالات الجارية للعمال. رفاق، اتطلع لمواضيعكم المقبلة! اننا نتطلع الى اراء الرفاق.

منصور حكمت

ترجمة: فارس محمود
نشرت هذه المقابلة في جريدة كومنيست، لسان حال الحزب الشيوعي الايراني، العدد ١٦، الصادر في اواسط شباط-فبراير ١٩٨٥. وتمت الترجمة عن النص الفارسي المنشور في سايت منصور حكمت: hekmat.public-archive.net وتمت مراجعته مع النص الكردي المنشور في المجلد الاول لمختارات منصور حكمت الصادر في ٢٠٠٨.


Arabic translation: Faris Mahmood
hekmat.public-archive.net #0290ar.html